بقلم الكاتب: دحمور
منصور
صراع العقل بين الحقيقة والافتراء
من
أعقد البرمجيات الإنسانية المتعلقة بالعقل الباطن للبشر ذلك الصراع الذهني الحاد
بين الحقيقة والكذب والذي يسوق إليه صراع آخر هو صراع الإيمان والتكذيب، ومن هنا
نجد تلك المفاهيم النفسية المتناقضة بين العقل الباطن والعقل الظاهر الواعي، والذي
ينتج كل تلك المفاهيم بداية من اللامبالات ونهاية الى الالحاد، ولكن أغلب تلك
الأفكار لا تعبر عن حقيقة العقل الباطن، فتدخّل العقل المفكر بلامعقولية البحث عن
الحقيقة يسوقه الى مناقضة ذاته عن طريق فرض النقيض على العقل رغم ان العقل في حد
ذاته لا يؤمن بتلك الأفكار، وهنا يظهر صراع الحقيقة والافتراء، فالافتراء هو عملية
صناعة فكرة لا يؤمن بها صاحبها ولا يقبلها عقله ولكنه يجبر عقله على الايمان بها
ومحاولة البرهنة عليها وبالتالي يقنع نفسه أنه على حق وبمجرد رؤيته للحقيقة ترى أن
هناك حالة نفسية حادة تعتري ذهنية وحتى فيزيولوجيا ذلك الملحد أو ذلك الشخص.
لسنا
هنا بصدد الحديث عن الالحاد وفقط، ولكننا في صدد الحديث عن تلك العلاقة الخفية بين
المنطق والعقل، فعلى الرغم من تطابق المنطق والعقل إلا أن هناك نفسية مرضية تصيب
حتى بعض من يسمون مفكرين، وهذه النفسية لها متعلقات فربما يكون هناك حاجز نفسي بين
القضية وذلك الشخص انطلاقا من خلفيات أو أحداث جعلت منه يحمل ما يشبه الحقد على
تلك الفكرة أو ربما يسوق الطمع في الشهرة وأحيانا الطمع في نوبل أو ما يشابهها الى
نفس الحالة المرضية فيناقض الانسان نفسه ويعانق بعض أفكار غيره وبالتالي فهو ينفي
ذاته، وهنا ينفي المفكر الذي في داخله، ذلك أنه يبدأ هنا بالتفكير بذهنية غيره،
فيكون مفتريا لا باحثا عن الحقيقة.
يتضح
ما نقوله بالنظر في تلك الحملات اللاعقلانية ضد الإسلام والقرآن، ليس انطلاقا من
البحث عن الحقيقة ولكن انطلاقا من فكرة فرضتها تلك النفسية على عقل ذلك المفكر
والتي تبقى مجرد فرضية تحتمل الخطأ والصواب، ولكن هذا المفكر لا ينطلق من البحث عن
حقيقة تلك الفرضية أن كانت خطأ أو صوابا ولا يعمل على الوصول الى نتيجة يقينية
لحلّ مشكلة صحة تلك الفرضية أو خطئها، بل ينطلق مباشرة من فكرة أن رأيه صواب لا
يحتمل الخطأ، ورأي غيره خطأ لا يحتمل الصواب، وهنا يتضح جليا أننا أمام مرض فكري
لا ترياق له إلا إعادة المرضى أنفسهم بأنفسهم إلى منطق البحث عن الحقيقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق